الورود البيضاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الورود البيضاء للمتحابين فى الله
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاقتصاد الاسلامى قادر على مواجهه التحديات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بوجى




عدد المساهمات : 73
تاريخ التسجيل : 24/11/2009

الاقتصاد الاسلامى قادر على مواجهه التحديات Empty
مُساهمةموضوع: الاقتصاد الاسلامى قادر على مواجهه التحديات   الاقتصاد الاسلامى قادر على مواجهه التحديات Emptyالأربعاء ديسمبر 02, 2009 1:11 am

الدكتور عبد الرحمن معزيز:

في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية ، الاقتصاد الإسلامي قادر على مواجهة التحديات

الفقه الإسلامي ، الرباط ، يوسف حمادي .

◙ أسس الدكتور عبد الرحمن مُعزيز بحثه في موضوع : ( الأزمة المالية العالمية على ضوء الاقتصاد الإسلامي ) على فكرة كون العالم اليوم يشهد أزمة مالية خانقة ، وأن أكبر الدول العالمية ؛ الولايات المتحدة الأمريكية ، تعيش أزمة اقتصادية حادة ألقت بظلالها لتشمل أوروبا ودول جنوب آسيا واليابان والصين ، وكذا الدول النامية ، وإنها أزمة تنذر بكساد عالمي يصغر أمامه الكساد الذي عرفته البشرية في أواخر العشرينات وأول الثلاثينات من القرن الماضي ، والثمانينيات والتسعينيات من نفس القرن في السوق الأسيوية .

ويؤكد الدكتور معزيز في مبحثه القيم ، أن نفس الشيء يحصل الآن في السوق الأمريكية التي تشكل العمود الفقري لاقتصاد العالم ، جريا وراء أقصى ربح وأسرعه ، حيث أفرطت المؤسسات النقدية والبنوك المالية في تقديم كم ضخم للغاية من التسهيلات النقدية للأفراد ، وبالذات في مجال العقار ، بهدف الاستعمال ، أو الاستغلال ، أو السكن ، أو الاستثمار و المضاربة ، دون دراسة استعلامية عنهم ، ودونما اعتبار السيولة وكفاية رأس المال ، مما تعذر على كثير من المقترضين السداد ، فانخفضت قيمة العقار ، وغرق المستفيدون فـي الديـون ، وسلبـت حرياتهــم ، وبيعت دورهم ، وأصبحت المؤسسات المالية على مشارف الإفلاس والإغراق[1] ، والتهديد بالانزلاق إلى هاوية الكساد والإغلاق ، والتشرد والانتحار ، فتحولت الأزمة على حين غرة من أزمة مالية إلى أزمة اقتصادية إلى بطالة[2] ..

﴿ الفقه الإسلامي ﴾ اطلع على بحث الدكتور عبد الرحمن مُعزيز ، الباحث المغربي في الاقتصاد الإسلامي ، فسعى لتعميم الفائدة ..

آلام العالم نتيجة الأزمة الاقتصادية يؤكد الدكتور عبد الرحمن معزيز أن العالم الذي يتبنى النظام الاقتصادي الرأسمالي ، أضحى يعاني من جراء الأزمة الاقتصادية أمراضا وآلاما ، وأصبح يقاسى بؤسا وشقاء ، حائرا من أمره في بيداء الحياة ، تائها في ظلام الليل لا يدري أي طريق يسلك ، ولا أي باب يطرق ، ولا أي سبيل يسير ، اختلطت عليه الوسائل ، واضطربت في قلبه الغايات ، فلم يجد الهدف ولم يتخير الوسيلة ، احترق بنيران التجارب الفاشلة التي أرشده إليها فكر حائر وعقل قاصر ، فانقلب خاسئا خائبا خاسرا حائرا، غير متوقع ما حل بأهله من ويلات الأزمة التي لم يتنبأ بها فقهاؤهم وعلماء اقتصادهم ، فكل ما حل في الأزمة المالية الأخيرة يعتبر مفاجأة لم تستطع الأجهزة العلمية كشفها أو حصرها على الرغم من قوتها وانتشارها ، ورغم الأموال التي تنفق من أجل تطويرها .

فالبروفسور "روبت تريفن": يرجع جذور أزمة التضخم التي حصلت في بداية الثمانينيات من القـرن الماضي إلى المبالغ المالية الخيالية التي اضطرت واشنطن إلى صرفها وإنفاقها أثناء الحرب الفيتنامية .

وفي مطلع الألفية الثالثة الحالية ، فالأزمة نتيجة التسيب والتهور والإنفاق الباهظ ، الأزمة التي أعلنت نهاية حقبة "جيوسياسية" وبدأت تشكل أقطابا جديدة ، وصدق قول الله عز وجل: " إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين" [سورة آل عمران / الآية : 140] .

وأمام هذه الوضعية الشاذة ، يعلق الاقتصادي المسلم: " بدأت مجموعة دول الاتحاد الأوربي (U. E) تفكر في تبني خطة جديدة وإستراتيجية خاصة في إنشاء نظام مشترك لضمان الودائع المصرفية الشخصية" ، ويحث المتحدث باسم البيت الأبيض المسئولين الماليين في العالم لتحسين الضوابط الدولية لتكون أفضل وأجدر فاعلية .

فهذا الرئيس الفرنسي يدعو من خلال تحركاته المكوكية بين فرنسا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية إلى وضع أسس نظام مالي دولي جديد ، بينما أكد رئيس الوزراء الروسي بأن انعدام حسن المسؤولية في النظام الأمريكي هو: سبب الأزمة المالية ، ويرى رئيس البرازيل أن المضاربة (Spéculation) هي المسئولة عن انطلاق الأزمة المالية الدولية .

وتوقع وزير المالية الروسي: تغيير دور الولايات المتحدة في الساحة المالية العالمية مرجحا تراجع استخدام الدولار بمرور الوقت كنقد عالمي .

الاقتصاد الإسلامي لإنقاذ العالم في خضم الأحداث الاقتصادية التي يعرفها العالم اليوم ، يطرح الدكتور معزيز: منهج الاقتصاد الإسلامي وما لديه من الحلول

. ولعل الوقت أكثر مناسبة لإثبات حيوية هذا الاقتصاد ، فعقلاء الغرب في أمس الحاجة لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لإنقاذ العالم الغربي من براثن الأزمة ، خاصة وأن الأسواق المالية العالمية اليوم بحاجة إلى ضوابط الاقتصاد الإسلامي ، تلك الضوابط التي جاء بها الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرن ، وطبقها المسلمون لأكثر من عشرة قرون ، ولم يشهد التاريخ لهم بأزمات عاصفة كما عرفتها الحضارة الغربية ،ـ

ونموذج انهيار النظام الاقتصادي الاشتراكي ليس منا ببعيد ـ .

ويتساءل الباحث المغربي على لسان القارئ فيقول: هل الأزمة المالية الحالية التي أضرت باقتصاد العالم أزمة مفتعلة ؟ وما هي أسبابها وآثارها الاقتصادية والنفسية ؟ وما موقف الاقتصاد الإسلامي من أزمة النظام المالي الحالي ؟ وما العلاج لتجنيب العالم كساد خطير ؟ تلكم هي مجموعة من الأسئلة التي يمكن أن تكون محلا للنقاش والتحليل على ضوء التصورات التي تعرفها الأزمة المالية الحالية .

هل الأزمة المالية مفتعلـة؟ يقول الباحث أن الكثير من المؤشرات تشير إلى أن الأزمة المالية التي عصفت باقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية يعد مؤامرة ودسيسة من الدسائس الصهيونية التي تتلاعب باقتصاد العالم ، تحركه وتركده متى شاءت وكيف شاءت ، تطمس كل الأدلة المشاهدة والمحسوسة لتنسج خيالا غريبا وعجيبا لإنقاذ الولايات المتحدة الأمريكية من مصائبها ونكباتها ... وبهذا تتحول النكث والأباطيل ، ـ يعلق معزيز ـ ، إلى حجج، وتصبح الأدلة العقلية (المدركة بالعقل) ، والأدلة الحسية (المدركة بالحس) رهنا لنظرية المؤامرة ، وتصير هذه النظرية نوعا من الخداع النفسي المضلل من حيث نشعر أو لا نشعر .

فلا ريب أن المؤامرة ، يسترسل الباحث ، حين تزيد عن الحد المسموح به ، وتتجاوز خط الاعتدال وتتعدى منطقة الوسط ، فإنها تطمس على الكثير من الحقائق ، فتجعل الحق باطلا والباطل حقا ، والصدق بهتانا والبهتان صدقا ، وإن اعتبرها البعض عامل ذكاء ، فهي تعطي في كثير من تطبيقاتها عوامل عكسية .

فتارة تبدو مفتعلة وليس مهما من افتعلها أو معرفة الغاية من وراء افتعالها ، المهم أنها مفتعلة وقد حيكت بشكل يضمن عدم حلها ، وتلوح وراء الكواليس علاقة ود بين تجار الحروب وعبدة النظام المالي ، فعلى ما يبدو أن ائتلاف هاتين الفئتين هو الرابح من هذه اللعبة ، ولمجرد أن تكون ثمة خمس(تريليون دولار) خسائر يؤكد وجود مستفيدين في المحصلة ، وهناك يتفاعل الهدف مع عنصر الزمن المتمثل في الانتخابات الحاسمة على سدة الرئاسة الأمريكية من جهة ، ومن جهة أخرى تدخل أمريكا وحلفاؤها في حربين فاشلتين في كل من العراق وأفغانستان ، والتي تكبدت على إثرهما خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ، وصرف ملايير خيالية من الدولارات أربكت اقتصادها وأدخلته في غيبوبة لا حد لها .

وبذلك تكون قد اكتملت أركان الأدلة على أن النظام الرأسمالي أكبر المتضررين ، وهو بنفسه من افتعل هذه الأزمة لحاجة يضمـرهـا سياسيـوه ، أبسطهـا صـرف اهتمــام الرأي العام العالمي عن التواصل ، عسى أن ينتعش النظام الرأسمالي ويستيقظ من غيبوبته[3] .

ويرى خبراء اقتصاديون أمريكيون: أن الأزمة الأمريكية مؤامرة مالية قذرة شعارها الإفلاس ، ويرى مراقبون: أن الإدارة الأمريكية في عهد جورج دابليو بوش تبنت نفس سياسة التفليس خلال تعاملها مع المؤسسات المالية المنهارة كـ " بيير ستينز " و" ليمان برودرز " و" مير للينش " و" فولد مان ساكس وإ ي أي ج (AIG) ". ويرجع بعض المحللين افتعال الأزمة داخل الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من عجز متواصل إلى الرغبة في الاستحواذ على تريليونات المستثمرين الذي يمثل أحد الحلول الناجعة ليتخلص الاقتصاد الأمريكي من ديونه المتراكمة ، والذي لا يوجد لها غطاء نقذي مماثل في العملة الخضراء وفيما تسرف الإدارة الأمريكية في التباكي أمام العالم على مؤسساتها المالية المتهالكة ، يؤكد اقتصاديون التزام المؤسسة الأمريكية بسياسة الانهيارات المفتعلة ـ

تصفير تريليونات الدولارات من أموال المؤسسات المالية الأمريكية على غرار الصين واليابان ودول الخليج العربي وكوريا الجنوبية .

ويصف علماء الاقتصاد سياسة التصفير ب " الخبث القذر " العامل على إسقاط الديون الأمريكية بشكل يستجدي الشفقـة ويدعـو للاحتـواء ، إذ تعتبـر هــذه الأمــوال الطائلة حملا ثقيلا على الاقتصاد الأمريكي ، ولا يتحمل مخاطر سحبها أو تقلصها ، لذلك يعتمد الرأسماليون على خطة محكمة شعارها السرقة والتضحية بكم هائل من بنوكها وإعلان إفلاسها ، وبالتالي لا يستطيع المستثمر الأجنبي سحب أمواله أو إخراجها من السوق الأمريكية التي تعتبر ديون معدومة ؛ لأن نظام شبتر11 ( Chaptre ) يحمي هذه المؤسسات من المستثمرين الأجانب[4].

ويرى محللون آخرون أن فشل أمريكا في الحرب على العراق وأفغانستان ، والنفقات المالية الكبرى التي أنفقتها من ميزانيتها في سبيل حرب فاشلة ، أدى بها في الأخير إلى افتعال بطولات " داو جونز " ، ووصل العجز الحكومي الاتحادي في الميزانية الأمريكية برسم السنة المالية 2007 - 2008 ، إلى أقصى حد فاق كل التوقعات ، حيث بلغ ما حجمه مستوى قياسيا إلى أربع مائة وخمسة وخمسين مليار دولار (455) ،

وبلغت نسبة عجز الميزانية لمحلي3.2 %. وتعكس نتائج الميزانية عمليات لتصحيح المالية الجارية في سوق العقار ومظاهر في أسواق رأس المال المتعثرة ، كما أن اعتماد أمريكا على سياسة التصفير المتكررة من حين لآخر لتفريغ اقتصادها من الدين الخارجي باتت مكشوفة أمام العالـم ، داعين إلى فـرض قواعد جديدة للمصارف الاستثمارية العالمية لتشكل نموذجا لباقي العالم في التعامل مع ما وصفوه برأسمالية متطرفة شعارها الخوف والجشع .

وإذا كانت الأزمة المالية الحالية التي ساهمت في إزاحة الحزب الحاكم عن الرئاسة ، والإطاحة بكبريات المؤسسات المالية ، وإفلاس العشرات من الشركات ، وتشريد الملايين من العمال ، ودفعت الحكومة الأمريكية نحو الديون التريليونية ... هذا النوع من الأزمة ، إن كان مفتعلا ؛ فهذا يعني أنه تآمر من الحكومة الأمريكية لإيقاع بالمحكومية الأمريكية ذاتها وبالاقتصاد الأمريكي وبالشعب الأمريكي وبأتباع النظام الرأسمالي ، وتصور ذلك كاف في إبطال هذه الافتعالية برمتها .

أسباب الأزمة المالية وآثارها يطرح الدكتور عبد الرحمان معزيز ما يتساءل حوله كثير من الناس اليوم عن الأزمة المالية الحالية وكأنها جديدة يريدون أجوبة جامعة كاملة شافية ودقيقة لها ، وهذا بالضبط لا يستطيع أي اقتصاد فعله ، فالأزمات المالية في الوقت الحالي تتداخل مع عوامل ومتغيرات عديدة منها ما يتعلق بنفسية الإنسان ، ومنها ما يتعلق بوضعية السوق .

فالأزمة المالية الجديدة ، انطلقت مع إعلان مؤسسات مالية عملاقة هي: ليمان برادرز عن إفلاسها الوقائي ، وهذه كانت بداية رمزية خطرة ؛ لأن هذه المؤسسة العريقة تعد من الشركات القلائل التي نجت من مدبجة الكساد الكبير لعام 1929م ، وتعتبر من أقدم المؤسسات المالية الأمريكية التي تأسست في القرن التاسع عشر ، وهذا ما أكدته تنبؤات (ألان غرسبيان )، رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق بأن مؤسسات مالية كبرى جديدة ستسير على درب ليمان برادرز .

لكن ما أسباب هذه الأزمة ؟ هل هي عابرة سببها اضطراب سوق العقار أو انفصال الاقتصاد العالمي عن الاقتصاد الحقيقي ، أم انخفاض ثم ارتفاع أسعار الفائدة ، أو مجرد حركة تصحيحية في الأسواق المالية ؟ في نظر الباحث يمكن تصنيف الأزمة المالية الحالية إلى صنفين اثنين :

الأول لأسباب مباشرة وهي : تلك التي تتعلق بالوضع الاقتصادي والمالي الأمريكي منذ فترة طويلة وحتى الآن ، والتي تتجلى في كون الأزمة الراهنة قد لا تشبه الأزمات السابقة ، يؤكد الباحث ، حيث بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في سبعينيات القرن العشرين بعملية لا تصنيع أو نزع التصنيع (deindustrialization) ، انتقلت بموجبها من الاعتماد على الأسواق المحلية ـ

القومية إلى الشكل المتعولم الحالي من العولمة عبر نقل الصناعات الثقيلة إلى الصين والهند وغيرهما .

وترافق ذلك مع تحرير أسواق المال ونزع كل القيود المنظمة لها ، مما أدى إلى هجرة جماعية للرأسماليين إلى الدول الآسيوية المزدهرة ، وأيضا إلى تقسيم عمل دولي جديد : التكنولوجيا المتطورة ، والبحث والتطوير ، والسلع الخاصة ، الخدمات المالية في المراكز الرأسمالية والعمليات الصناعية التقليدية في الأطراف .

وهو تطور بنظر الباحث ، أدى إلى توسع هائل للأسواق المالية التي تعولمت بسرعة ، فبات القطاع المالي في بريطانيا، على سبيل المثال ، مسئولا عن نصف النمو الاقتصادي ، وكذا الأمر بالنسبة للقطاع المالي ـ

العقاري في أمريكا حتى عام 2006 ، وكلا القطاعين اعتمادا بشكل كامل على المضاربة وليس على الاقتصاد الحقيقي[5] ، فظاهرة سيطرة الطبقة المالية

ـ المصرفية حولتها من " نظام" اقتصادي يستند إلى قواعد تنظيمية واضحة ، إلى " فوضى" كازينو القمار الذي يقوم على مبدأ " المخاطرة الكبيرة لتحقيق الأرباح الكبيرة "[6] .

ومن منطق الملاحظة والاستقراء ، يستنتج الدكتور معزيز ، فإن سلسلة الأحداث المالية التي حدثت في أمريكا وأوروبا من فبراير 2007 حتى الآن ، أثبت للجميع أن الأزمة المالية الأمريكية ـ

العالمية الجديدة ، ليست مجرد سحابة صيف عابرة ، بل هي مرحلة حتمية لم يفاجأ المراقبون الماليون والاقتصاديون بها ، حيث جاءت هذه الأحداث كما يلي :

▪️ فبراير 2007 : الولايات المتحدة الأمريكية تشهد ارتفاعا كبيرا في عدم قدرة المقترضين على دفع مستحقات قروض الرهن العقاري ، ما أدى إلى أولى عمليات إفلاس مؤسسات مصرفية متخصصة .

▪️ يونيو 2007 : مصرف الاستثمار الأمريكي Bear Stearns ، أول بنك كبير يعاني من خسائر قروض الرهن العقاري.

▪️أغسطس 2007: البنك المركزي الأوروبي يضخ 8.94 مليار أورو من السيولة ، والخزينة الأمريكية تضخ من جانبها 24 مليار دولار ، كما تدخلت العديد من البنوك الأخرى ، مثل بنك اليابان والبنك الوطني السويسري .

▪️سبتمبر 2007 : بنك انجلترا يمنح قرضا استعجاليا إلى مصرف Northen Rock ، لتجنبه الإفلاس ، وقد تم بعد ذلك تأميمه .

▪️ أكتوبر 2007 : مصرف يو بي إس (UBS) السويسري يعلن عن انخفاض قيمة موجوداته بـ 4 مليار فرنك .

▪️ يناير 2008 : الخزينة الفيدرالية الأمريكية تخفض نسبة الفائدة الرئيسة بثلاثة أرباع النقطة، لتصل إلى 3.50 % وهو إجراء وصفه الخبراء بأنه ذو بعد استثنائي.

▪️مارس 2008 : الخزينة الفدرالية الأمريكية تقول إنها مستعدة لتقديم مبلغ يصل إلى 200 مليار دولار إلى مجموعة من البنوك الكبرى .

▪️مارس 2008 : العملاق المصرفي الأمريكي JP Morgan Chase يعلن شراءه لمصرفBear Stearns ، الذي يعاني من صعوبات ، وهي العملية التي حظيت بدعم مالي من طرف الخزينة الفدرالية الأمريكية .

▪️ يوليو2008 : الضغط يشتد على مؤسستي Freddie Mac وFannie Mae الأمريكيتين المتخصصتين في إعادة تمويل القروض العقارية ، والخزينة الأمريكية تعلن عن خطة لإنقاذ القطاع العقاري .

▪️ سبتمبر 2008: وزارة الخزانة الأمريكية تضع المجموعتين العملاقتين في مجال تسليفات الرهن العقاري (فريدي ماك ) (وفاني ماي) تحت الوصاية طيلة الفترة التي تحتاجانها لإعادة هيكلة ماليتهما، مع كفالة ديونهما حتى حدود 200 مليار دولار.

▪️ 15 سبتمبر2008: إفلاس بنك الأعمال (ليمان براذرز)، وإعلان أحد أبرز المصارف الأمريكية وهو (بنك أوف أمريكا) شراء بنك آخر للأعمال في (وول ستريت) هو (ميريل لينش).

▪️16 سبتمبر2008: الاحتياطي الاتحادي والحكومة الأمريكية تؤممان بفعل الأمر الواقع أكبر مجموعة تأمين في العالم (أي آي جي) المهددة بالإفلاس عبر منحها مساعدة بقيمة 85 مليار دولار مقابل امتلاك 9.79 % من رأسمالها.

▪️ 17 سبتمبر 2008: البورصات العالمية تواصل تدهورها والتسليف يضعف في النظام المالي، وتكثف المصارف المركزية العمليات الرامية إلى تقديم السيولة للمؤسسات المالية.

▪️ 18 سبتمبر 2008: البنك البريطاني (لويد تي أس بي) يشتري منافسه (أتش بي أو أس) المهدد بالإفلاس.

السلطات الأمريكية تعلن أنها تعد خطة بقيمة 700 مليار دولار لتخليص المصارف من أصولها غير القابلة للبيع.

▪️ 19 سبتمبر 2008: الرئيس الأمريكي جورج بوش يوجه نداء إلى (التحرك فورا) بشأن خطة إنقاذ المصارف لتفادي تفاقم الأزمة في الولايات المتحدة. ▪️

23 سبتمبر 2008: الأزمة المالية تطغى على المناقشات في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

الأسواق المالية تضاعف قلقها أمام المماطلة حيال الخطة الأمريكية.

▪️ 26 سبتمبر 2008: انهيار سعر سهم المجموعة المصرفية والتأمين البلجيكية الهولندية (فورتيس) في البورصة بسبب شكوك بقدرتها على الوفاء بالتزاماتها.

وفي الولايات المتحدة يشتري بنك (جي بي مورغان) منافسه (واشنطن ميوتشوال) بمساعدة السلطات الفيدرالية.

▪️28 سبتمبر2008: خطة الإنقاذ الأمريكية موضع اتفاق في الكونغرس.

وفي أوروبا يجري تعويم (فورتيس) من قبل سلطات بلجيكا وهولندا واللوكسمبورغ.

وفي بريطانيا جرى تأميم بنك (برادفورد وبينغلي).

▪️29 سبتمبر 2008: مجلس النواب الأمريكي يرفض خطة الإنقاذ. وانهيار (وول ستريت).

إعلان بنك (سيتي غروب) الأمريكي شراء منافسه (واكوفيا) بمساعدة السلطات الفيدرالية.

▪️الأول من أكتوبر 2008: مجلس الشيوخ الأمريكي يقر خطة الإنقاذ المالي المعدلة[7].

الثاني أسباب غير مباشرة تتمثل فيما يلي:

انشغال الإدارة المركزية بالسياسات الخارجية والهيمنة العدوانية وإهمالها للوضع الداخلي، وتوظيف الموارد الاقتصادية الأمريكية بما يخدم سياستها وهيمنتها الخارجية وذلك على حساب إهمال المراقبة والمتابعة لأحوال الأوضاع الداخلية والمالية والاقتصادية.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن الأزمة المالية الراهنة هي الأخطر منذ خمسين عاما وعلى الأرجح منذ قرن وأن حل هذه المشكلة مازال صعبا إن لم يكن مستحيلا.

وهذا ما أكده غرينسين الرئيس اللامع للبنك المركزي الأمريكي طوال تسعة عشر عاما (حتى2006) حيث قال "لاشك في أني لم أواجه أمرا مماثلا وهو لم ينته بعد والأزمة ستستغرق مزيدا من الوقت".

أثـر الأزمــة الماليــة بغض النظر عن الخسائر الفادحة التي تعرضت لها كبريات الشركات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية وفي العالم ، يشرح الدكتور معزيز ، والأضرار الكبرى التي عرفتها الأسواق المالية في أوروبا ودول جنوب آسيا وفي العالم العربي والإسلامي ، بسبب الأزمة المالية الحالية ، وتهديد الكساد للأموال الشخصية بعدة طرق ، فانخفضت أسعار السكن وساءت أوضاع الاستثمارات ، وقلت إمكانية الحصول على القروض ، وتبخرت الوظائف ، وأخذ اليأس يشق طريقه نحو المواطن الأمريكي فأصبح يشعر بالعجز وبفقدان السيطرة على حياته وهو الوضع الذي دفع البعض ـ

ومن بينهم الحسين باراك أوباما إلى وصف الأزمة بأنها الأسوأ منذ الكساد الكبير الذي ضرب الاقتصاديات المالية في ثلاثينات القرن الماضي.

ويخشى الخبراء النفسيون من أن عددا من الأمريكيين غرقوا في خندق لا مفر منه من الاكتئاب بسبب خوفهم على مساكن أسرهم .

وأظهر مسح نشرته الرابطة الأمريكية لعلم النفس أن 8 من بين 10 أمريكيين يقولون إن الحياة الاقتصادية هي مصدر رئيسي للتوتر في حياتهم ، وذهب البعض إلى أن ما وصل إليه المواطن الأمريكي من اليأس والقنوط بسبب زلزال الأزمة الذي ضرب أركان النظام الأمريكي بأنه 11 سبتمبر جديد ، أو سبتمبر الأسود .

وجاء في إحدى القصاصات الصادرة عن وكالة الأنباء الأمريكية ـ

يتابع المحلل الاقتصادي المسلم ـ ، أن أزمة العقار الناتجة عن الأزمة المالية الحالية أثرت بشكل كبير حتى على الأزواج المنفصلين بأمريكا. فالالتزامات المالية التي تترتب عن مسطرة الطلاق وانهيار العقار ودعوى الإفراغ تدفع بأحد الزوجين إلى الاستمرار في العيش مع بعضهما البعض في مجال عادة ما يتسم بالضيق ، مع ما يمكن أن ينتج عن هذا الوضع من حرج لكلا الزوجين اللذين عادة ما يبذلان قصارى جهدهما لتحاشي الآخر عند الأكل والنوم وحتى عند الغسل وكي الملابس و قراءة الجرائد اليومية ، في انتظار تحسن الوضع الاقتصادي من جديد ليتمكنا من بيع العقار المشترك .

ولا أحد يستطيع من الزوجين معرفة المدى الذي يستغرقه هذا الوضع ، ويذهب بعضهم إلى القول إن المخرج من هذه الحالة حسب بعضهم هو أن يشتري أحد الزوجين نصيب الآخر بعد ربح في اليانصيب أو الرهان أو حينما تتدخل الدولة أو البنك لشراء أصول العقار المشترك[8].

ويوصي المشرفون على الموت بحرق جثتهم عوض دفنها لعدم توفرهم على مصاريف الجنازة .

كما حذر مدير مكتب العمل الدولي اخوان سومافيا من أن الأزمة الحالية قد تسبب في تحويل عشرين مليون شخص في العالم إلى عاطلين عن العمل بحلول سنة 2009 .

موقف الاقتصاد الإسلامي من أزمة النظام المالي العالمي يتساءل كثير من الباحثين عن منهج الاقتصاد الإسلامي في الوقاية من الوقوع في مثل هذه الأزمات الاقتصادية خاصة وأن عقلاء الغرب من مفكرين ومحللين وصحفيين أخذت أقلامهم تتناثر هنا وهناك داعين إلى تطبيق أحكام الاقتصاد الإسلامي في المجال الاقتصادي كحل أوحد لإنقاذ الأمة من براثين الأزمة المالية الحالية .

ففي افتتاحية مجلة " تشالينجز"، كتب "بوفيش فانسون" رئيس تحريرها موضوعا بعنوان (البابا أو القرآن) أثار موجة عارمة من الجدل وردود الأفعال في الأوساط الاقتصادية .

فقد تساءل الكاتب فيه عن أخلاقية الرأسمالية ودور المسيحية كديانة والكنيسة الكاثوليكية بالذات في تكريس هذا المنزع والتساهل في تبرير الفائدة ، مشيرا إلى أن هذا النسل الاقتصادي السيئ أودى بالبشرية إلى الهاوية .

وتساءل الكاتب بأسلوب يقترب من التهكم من موقف الكنسية ومستسمحا البابا بندكيت السادس عشر قائلا : " أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا ؛ لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات ، وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري ، لأن النقود لا تلد النقود " .

وفي الإطار ذاته ، يضيف الباحث الإسلامي ، وبوضوح وأجرأة أكثر ، طالب رولان لاسكين ، رئيس تحرير صحيفة "لوجورنال دفينانس" ، بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة .

وعرض لاسكين في مقاله الذي جاء بعنوان : " هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية ؟ " ، المخاطر التي تحدق بالرأسمالية وضرورة الإسراع بالبحث عن خيارات بديلة لإنقاذ الوضع ، وقدم سلسلة من المقترحات المثيرة في مقدمتها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية برغم تعارضها مع التقاليد الغربية ومعتقداتها الدينية .

ويرى البروفسور أوليفييه باستري، أستاذ الاقتصاد بجامعة باريز أن قرار الحكومة الفرنسية برفع القيود التشريعية والضريبية التي تمنع إصدار صكوك إسلامية في البلاد يترجم رغبتها في جذب جزء مما أسماه الادخارات الهائلة لأرباب المال المسلمين الحريصين على استثمار أموالهم بطريقة تراعي مقتضيات الشريعة الإسلامية .

كما أن النظام الإسلامي المالي يمكن أن يلعب دورا تاريخيا في العالم بالنظر لقدرته على مواجهة التحديات التي يطرحها الوضع الحالي .

ومن جانبه رأى رئيس غرفة التجارة الفرنسية العربية ووزير الخارجية الفرنسي السابق هيرفيه دوشاريت أن "استيراد" المعاملات الإسلامية يهدف لتمكين الاقتصاد المحلي من الاستفادة من السيولة النقدية التي يملكها المستثمرون المسلمون .

ويرى من جانب ثاني أن النظام المالي الإسلامي يمكن أن يكون عامل دمج لملايين المسلمين الفرنسيين الراغبين في الحصول على خدمات مصرفية تتفق مع مبادئهم الدينية[9].

ومن جهتها أعلنت وزيرة الاقتصاد الفرنسية في المنتدى الفرنسي الثاني حول المال الإسلامي المنعقد في باريز في 26 نونبر 2008 أنها ستعطي تعليمات بشأن إلغاء الحواجز التشريعية والضريبية التي تحول دون إصدار صكوك إسلامية في البلاد مشددة على أن أرض فرنسا مستعدة لاستقبال المصارف التي تود إنجاز عمليات مطابقة للشريعة الإسلامية .

وأثنت لاكارد على البعد الأخلاقي في النظام المالي الإسلامي وقدرته على مواجهة أسباب الأزمة المالية الحالية مشيدة بتحريم الغرر والميسر في المعاملات الإسلامية .

ومما يندهش له الأمر ويثلج الصدر ، ينوه الدكتور معزيز ، دعوة الغرب اليوم إلى تطبيق الاقتصاد الإسلامي لمعالجة الأزمة المالية ، لأن الاقتصاد الإسلامي يقوم على نظام يتأسس على مجموعة من القواعد التي تحقق للعباد الأمن والأمان ، والاستقرار وتقليل المخاطر ، فيكون الاعتبار بمدى القدرة على تطوير الإنتاج وتحسين وسائله ، بدل تباهي الفرد بامتلاك مالا يقدر على تنميته على حساب الدولة والمجتمع .

وفيه قال الفاروق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهـ " أصلحوا أموالكم التي رزق الله لكم ، ولقليل في رفق خير من كثير في عنف "[10] ، وذلك بالمقارنة مع النظم الوضعية المبنية على الربا والفساد والارتجال والمجازفة واللامبالاة ونظام الفائدة والمشتقات المالية .

فالاقتصاد الإسلامي ، يؤكد الباحث المسلم ، يحمل راية الوسطية والاعتدال ابتداء بحجم الملكية وأسلوب العمل وكيفية الإنتاج ... وانتهاء بأسلوب التوزيع وكيفية الاستهلاك ، تجاوبا مع لفظ الجمع الوارد في قول الرسول ، صلى الله عليه وسلم: " خير الأمور أوسطها " ، فإن جانب ما قرره الحديث في مبدأ التوسط في إنفاق طاقة الإنسان وتنظيم عمله ضمانا لنجاح المشاريع ، واستمرار الإنتاج وتطويره ، نجد القرآن قد رسم في المجال الاقتصادي والإنمائي منهاجا وسطا يعتمده المسلم سواء عند إرادة التملك أو عند سياسة الإنفاق وفيه يقول الحق سبحانه وتعالى : " ولا تجعل يدك مغلولة اِلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ". [ سورة الإسراء / الآية: 29] .

ضوابط الاقتصاد الإسلامي للإنقاذ من الأزمة

يخلص الدكتور عبد الرحمان معزيز إلى أن الاقتصاد الإسلامي يتضمن مجموعة من الضوابط والمبادئ والقواعد التي تجعله في منأى عن الأزمات ومن أهمها ما يلي :

▪️ أولا: الأمانة والمصداقية والشفافية والبينة والتيسير والتعاون والتكامل والتضامن والأخلاق ، وفي نفس الوقت تحرم الشريعة الإسلامية كل المعاملات المالية والاقتصادية التي أساسها الكذب والمقامرة والتدليس والغرر والجهالة والاحتكار والاستغلال والجشع والظلم وأكل أموال الناس بالباطل .

ويعتبر الالتزام بالقيم الإيمانية والأخلاقية عبادة وطاعة لله يتاب عليها المسلم وتضبط سلوكه سواء كان منتجا أو مستهلكا ، بائعا أو مشتريا ، وذلك في حالة الرواج والكساد وفي حالة الاستقرار أو في حالة الأزمة .

ثانيا: يعتمد النظام المالي والاقتصاد الإسلامي على قاعدة المشاركة في الربح والخسارة وعلى التداول الفعلي للأموال والموجودات، ويحكم ضوابط الحلال الطيب والأولويات الإسلامية وتحقيق المنافع المشروعة الغنم بالغرم.

ولقد وضع الفقهاء وعلماء الاقتصاد الإسلامي مجموعة من عقود الاستثمار والتمويل الإسلامي التي تقوم على ضوابط شرعية، من هذه العقود: صيغ التمويل بالمضاربة وبالمشاركة وبالمرابحة وبالاستصناع وبالسلم وبالإجارة والمزارعة والمساقاة ونحو ذلك.

▪️ ثالثا: تحريم كافة المشتقات المالية التي تقوم على معاملات وهمية يسودها الغرر والجهالة ، ولقد كيّف فقهاء الاقتصاد الإسلامي مثل هذه المعاملات على أنها من المقامرات المنهي عنها شرعا .

▪️ رابعا: الاقتصاد الإسلامي اقتصاد رباني واقتصاد إنساني ، كما أنه بلا ريب اقتصاد أخلاقي واقتصاد وسطي ، وهذه المعاني والقيم الأساسية الأربع ، لها فروعها وثمارها وآثارها في كل جوانب الاقتصاد والمعاملات المالية الإسلامية ، إنتاجا واستهلاكا وتداولا وتوزيعا ، فكلها مصبوغة بهذه القيم معبرة عنها ومؤكدة لها وإلا لم تكن إسلامية إلا بالظاهر والادعاء .

▪️ خامسا: تحريم كافة صور وصيغ وأشكال بيع الدين بالدين ، مثل خصم الأوراق التجارية ، وخصم الشيكات المؤجلة السداد، وتحريم جدولة الديون مع رفع سعر الفائدة ، ولقد نهى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن بيع الكالئ بالكالئ (بيع الدين بالدين) .

▪️ سادسا: تحريم نظام الفائدة الربوية على القروض والائتمان وإحلال نظام التمويل القائم على المشاركة وتفاعل رأس المال والعمل في إطار قاعدة الغنم بالغرم .

▪️ سابعا: يقوم النظام المالي والاقتصادي الإسلامي على مبدأ التيسير على المقترض الذي لا يستطيع سداد الدين لأسباب قهرية لقول الله تعالى: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون " [سورة البقرة / الآية: 279].

في حين أكد علماء وخبراء النظام المالي والاقتصادي الوضعي أن من أسباب الأزمة الحالية هو توقف المدين عن السداد وقيام الدائن برفع سعر الفائدة وتداول القروض بفائدة أعلى أو تنفيذ الرهن على المدين وتشريده وطرده ولا يرقب فيه إلا ولا ذمة ،[11]

وهذا يقود إلى أزمة اجتماعية وإنسانية تسبب العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وصدق قول الله إذ يقول: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب " [سورة الأنفال / الآية: 25]. فلله الحكمة البالغة في قضاءه وقدره ، فتقديره مبني على حكمته وعدله .

ذلك تقدير العزيز العليم ، ولا يخرج شيء في الكون عن مقتضى حكمته ، فهو الحكيم الخبير .

▪️ رابعـا: البدائل المطروحة لإنقاذ الوضع الاقتصادي من الأزمة

تكمن في وجوب العلم أولا بأن القيم الإسلامية هي قيم إنسانية موجهة لكل البشرية ، ولكل من يريد أن يقتبس منها أو يعمل بها ، ونجد في الغرب اليوم تيارات عديدة بدأت تدعو إلى ما يسمى بالاقتصاد الأخلاقي وحتى بعض البنوك التي تأسست على هذا المعنى ، مثل البنك الأخلاقي في سويسرا ،

وهي بنوك تعتمد على كل ما يراعي القيم ويحترم الأخلاق ، فلا استثمار في الكحول أو المخدرات أو الأسلحة والمشاريع التي لا تحترم البيئة وأشياء أخرى عديدة ضارة بالإنسان وبالطبيعة ، وهذا التوجه الذي عبر عنه تيار الاقتصاد الإنساني بشّر به الإسلام منذ أربعة عشر قرنا .

وفي خصوص الفائدة على سبيل المثال اقتنع العديد من الخبراء أنها ليست الأداة المثلى لإدارة النشاط الاقتصادي ، فالإسلام يقترح إلغاءها وتعويضها بمعدل الربح عن طريق نظام المشاركة الإسلامي أي تقاسم الربح والخسارة أو الغرم بالغنم ، فمقابل نظام الفائدة هناك نظام المشاركة الذي أثبت جدارته وفعاليته في تجربة المصارف الإسلامية في الشرق والغرب على حد سواء .

فإذا ما وضع نظام السوق في نطاقه المحدود أصبحت القطاعات الاقتصادية متكاملة ، أي : القطاع الخاص والقطاع العام ، كما يضيف الاقتصاد الإسلامي قطاعا ثالثا هو القطاع الوقفي الذي يعود بقوة في المجتمعات الغربية أو ما يصطلح عليه حاليا بنظام الجمعيات "Fondation". وإذا ما تم التوافق على إلغاء البيوع الفاسدة أو الميسر والمضاربات وغيرها والاعتماد على الاقتصاد الحقيقي الذي هو جوهر الاقتصاد الإسلامي ،

فإننا يمكن أن نتلمس الخطوط العريضة لعملية إنقاذ الاقتصاد العالمي من أجل إخراج البشرية من براثين الأزمة المالية الحالية ، لأن النهج الاقتصادي المستنبط من القرآن والسنة النبوية الشريفة ، ليس بنظام رأسمالي ولا شيوعي ولا مذهب وضعي ، وإنما هو بسمته وذاتيته ومقوماته نظام إسلامي بسداه ولحمته ، ولم يطبع بطابع الإسراف الغربي ولا بالإقتار الشرقي ، فجاء حسنة بين سيئتين ، ومزية بين زلتين: زلة الإفراط وزلة التفريط ،

وقد خط الله له خطة رشيدة من شأنها أن تحمل الدول الإسلامية على تطبيقه والعمل بمقتضاه ويكفي من أهميته أن زكاه الله وزكى به سياسة المعتدلين في اقتصادهم لقول الله تعالى : " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " [سورة الفرقان / الآية: 67] .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاقتصاد الاسلامى قادر على مواجهه التحديات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» امثال واخطاء متداولة تخالف تعاليم ديننا الاسلامى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الورود البيضاء :: مواضيع هامة-
انتقل الى: